تتنوع قصص الغرام «الطفولي» في المدارس، من رسائل سرّية بين
التلامذة، إلى استعارة أحد المعجبين دفتر صديقته ليرسم عليه قلباً أو ليبعث
برسالة مشفّرة تدلها على إعجابه بها. لكن هذه الحركات قد لا تنفع حين يقع
التلميذ في حب معلمته أو يقع الأستاذ نفسه في حب تلميذته
قاسم سهيل قاسم
تروي رهف رضا قصتها حين كانت في السنة الثانوية الثانية مع أستاذ اللغة
الفرنسية الذي انجذب إليها رغم فارق العمر بينهما. أحبت اللغة الفرنسية
فأحبّها الأستاذ، «كان يحدّثني دون تلامذة الصف كلهم، أحببت هذا الاهتمام
فبادلته إياه، بقوة». تشرح رهف سبب اهتمام الأستاذ بها «كنتُ الأولى في
صفه، وكان هذا باباً ليتحرش بي بحجة أنّ لغتي الفرنسية جيدة». تطوّرت قصة
رهف عندما اعترف الأستاذ بحبه لها «في إحدى المرات رآني أبكي وأخبرني أنّ
دمعتي عزيزة عليه». دفع هذا الاعتراف رهف للقول لوالدتها، «التي جنّ
جنونها». خافت الفتاة من ردة فعل أمها، وهدّدتها بأنّها لن تذهب إلى
المدرسة إن هي أخبرت الإدارة «فانتهت قصتي بقطع علاقتي مع أستاذي». تبتسم
رهف حين تتذكر كيف رأت أستاذها وزميلتها السابقة في الصف، بعد سنوات، وهما
يسيران معاً لتكتشف لاحقاً أنّه تزوّجها وهي حامل.
نتالي جبور ليست أفضل حالاً من رهف، فقصتها الغرامية مع أستاذها لم تكن
إعجاباً من «الدرس الأول». كان الأستاذ يعطي نتالي دروساً خصوصية فنال ثقة
الأهل وحاز قلب الفتاة. «أحبني أستاذي لأنّ لساني سليط كما روى لي بعدما
أصبحت علاقتنا رسمية». كانت نتالي مخطوبة وتركت خطيبها «كرمى لعيون
الأستاذ». تعترف نتالي بأنّها كانت تنجذب إلى أستاذها مع أن شكله لم يعجبها
في البداية، «لا أزال أذكر كلماته التي قالها لي في المرة الأولى، فهو
شاعر، ويعرف كيف يختار كلماته». انتهت قصة نتالي الغرامية بعد فترة، لتجد
نفسها في بلد وأستاذها في بلد آخر.
تختلف قصة فاطمة جابر مع أستاذها عن القصص السابقة. تستحضر فاطمة ذاكرتها
وتعود مجدّداً إلى مقاعد الدراسة. «كنت في ثانوية للبنات وكان جميع
الأساتذة «ختايرة»، فجأة احضروا لنا أستاذ فيزياء تخرجّ حديثاً. أحببناه
جميعاًَ فهو من جيلنا».
تضيف فاطمة ضاحكة «وجماله ازداد بعد أن خضع أنفه لعملية تجميل». كانت
الفتاة في الصف الأول الثانوي وكانت المبادرة الأولى من أستاذها عندما نالت
علامة كاملة في مادته، ما جعله يستدعيها لكي يخبرها أنها أشعرته بالفشل
للمرة الأولى «لأنّه حتى ذاك اليوم لم يكن أحد من طلابه قد نال علامة
مشابهة». بدأ الأستاذ يتودد لتلميذته منذ ذلك الحين، إلا أنّ كبرياءها
جعلها ترفض مبادلته الاهتمام، وخصوصاً «أنّ الجميع كان يحاول اصطياده».
انتهت حدود العلاقة عند هذه النقطة، ولكن بعد تخرجها من المدرسة صادفت
فاطمة أستاذها قرب منزلها حاملاً باقة زهور «تقدّمت إليه فأخبرني بأن
الورود لخطيبته» التي تبين لاحقاً أنّها كانت زميلة فاطمة في المدرسة.
من جهتها، تتحدّث حنان عن قصتها مع تلميذها «حتى الأساتذة مسموح لهم بأن
يقعوا في غرام تلميذاتهم، فهم بشر بالنهاية». وقعت حنان بحب أحد تلامذتها
الذي كان من عمرها وكانت تعلمه اللغة الإنكليزية في أحد المعاهد. «كنتُ
أشعر بنظراته تلاحقني خلال الحصة، ولم أعره أي اهتمام. ولكن للقدر أحكامه،
فهو يسكن في المنطقة نفسها وعرض عليّ في أحد الأيام أن يوصلني إلى البيت.
كنا نتحدث في البداية عن الدرس، ثم تطوّرت العلاقة فأصبح ينتظرني ليوصلني
إلى المنزل». لا تزال قصة حنان وحبيبها مستمرة حتى اليوم «فللحب أحكامه»،
تقول ببساطة.
أما معين، مدّرس الأدب العربي «فحظّه من السماء» كما يقول، فقد كان أستاذاً
في إحدى المدارس الخاصة. كان تلاميذه يحبونه، وخصوصاً الفتيات، «عرفت كيف
أضع حداً لهم، ولكن من بين فتيات الصف أجمع زوجتي الحالية هي الوحيدة التي
لم تشعرني باهتمامها. أعجبت بأخلاقها، هدوئها، واحتشامها، كنت أشعر بخجلها
فأحببت ذلك». تضيف زوجته الجالسة بجانبه «لقد أحببته، ولكني لم أحب أن أظهر
له ذلك، كرامتي وتربيتي لا تسمحان لي، لقد كانت فرحتي عامرة عندما علمت
بأنه سيتقدم لخطبتي، أما الآن فلدينا ولدان وذلك بفضل مدرستي».
وتروي أم محمد صاحبة العقد الخامس قصتها. «أحببت أستاذي لدرجة العشق. لم
أكن أغيب عن حصته، أما في الرحلات المدرسية فكنت أحاول لفت نظره، ولكني لم
أفلح». بعد فترة اكتشفت أم محمد أنّ عين أستاذها كانت على رفيقتها. تركت أم
محمد المدرسة بعد سنوات وتزوجت وكبر أولادها «وكانت أخبار الأستاذ تصل
إليّ وعلمت بأنه قد تزوج». في أحد الأيام، بعد أكثر من عشرين سنة، التقت أم
محمد أستاذها «ولم أشعر بشيء، ابتسمت واقتربت منه، ذكرّته بنفسي وأخبرته
أنني كنت أعشقه عندما كنت طالبته، لم يهمني موضوع الاعتراف فأولادي أصبحوا
شباباً».